كتبت هذة التدوينة في السابع من يناير 2011,بعد أيام من تفجير كنيسة القديسين.اليوم أنشرها في الذكري السنوية الأولي للمذبحة التي راح ضحيتها 25 مصريا.
Saturday, December 31, 2011
عن صمويل
كتبت هذة التدوينة في السابع من يناير 2011,بعد أيام من تفجير كنيسة القديسين.اليوم أنشرها في الذكري السنوية الأولي للمذبحة التي راح ضحيتها 25 مصريا.
Thursday, December 15, 2011
عن القطار المندفع نحو الهاوية
في ذلك اليوم ,لم تتعد اكثر أحلام المتظاهرين(,شبابا و مثقفين و عوام ) جموحا ابعد من طرد الرئيس الذين تفننت أجهزة قمعة البوليسية في أذلال كرامتهم و نجحت حاشيتة في تضيق العيش عليهم بخليط من و الفساد المالي و الجهل الأقتصادي
.لكن في حقيقة الأمر,فأن الثورة ,بجانب أسقاطها جزئيا لنظام فاسد و قمعي, شكلت املا في تخفيف وقع مصائب بيئية صار من المستحيل علي مصر تلافيها.
فبجانب القمع و التنكيل و الفساد السياسي و المالي,كان نظاما الرئيس السابق فاشلا بأمتياز في استيعاب حجم المصيبة التي تندفع اليها البلاد.فقد تحلي هو و من حولة بقدر من تصلب الشرايين و الجمود و انعدام الأبداع و القدرة علي القياس و التحليل المنطقي,بل زاد فوق ذلك اخفاقة في التعامل مع كل النظم التي ترتبط مصالح مصر البيئية و الأقتصادية و الزراعية بها.
منذ تنحي مبارك ,انشغل الجميع بحالة استقطاب علماني\أسلامي حينا و بأستحقاقات حقوقية وقانونية و نضالية اجبر الثوار علي خوضها احيانا و انجروا لها احيانا أخري
و بما انة اصبح من الجلي الأن ان المجلس العسكري لا يزال يمثل رأس حربة الدفاع عن النظام السابق و شبكة مصالحة المعقدة التي لم تسقط كليا بتنحي الرئيس,و ان هناك تحالفات جديدة في طور الأنعقاد فأن المعركة غالبا ما ستستمر لسنين عديدة قادمة مستنفزة طاقة الأفراد الأكثر ادراكا بحقيقة التحديات البيئية التي ستتعرض لها مصر خلال العقدين القادمين.
فأذا سلمنا عقولنا للحقائق العلمية قليلا ,فان معلومة واحدة من نوعية أن "مصر هي المستورد الأول عالميا للقمح" كافية لأستيعاب ما نحن مقبلون علية.فا بالاضافة الي نمط عذاء المصريين الذي اصبح يعتمد علي محاصيل لم يعد اجمالي انتاجها المحلي كاف لتغطية الطلب المتزايد,تشكل تسرب ملوحة البحر المتوسط الي الدلتا و الساحل خطرا مدمرا علي ناتج محصول أراضي زراعية عرفت سابقا بأنها الأكثر خصوبا في البلاد.
و علي الصعيد الثورة المائية,فأن المخابرات ,بقيادة عمر اللواء عمر سليمان فشلت تماما في التعامل مع ملف مياة النيل منذ استلمتة اوائل العقد الماضي.و بسبب صلف الرجل القوي في الجهاز انهارت علاقات مصر بدول المنبع و خاصة بأثيوبيا التي استطاعت القيام بعدة تحالفات مع قوة اقليمية و عالمية لضمان عدم تجدد التهديدات المصرية بأستخدام القوة العسكرية في حالة تهدد حصة مصر من مياة النيل كما فعل مبارك في احد خطبة العلنية في منتصف التعسينات.
و لعل من المؤسف ان اغلب الخبراء و المثقفين المصريين لا يعرفوا شيئا عن الوضع الديموغرافي للدول التي تمثل اهمية استراتيجية لمصر كأثيوبيا.فأثيوبيا اليوم في وضع شبية لوضع مصر في الستينات,كتلة سكانية شابة تنمو بمعدلات سريعة (يبلغ تعداد أثيوبيا حوالي 85 مليون نسمة اكتر من ثلثيهم من الشباب دون الثلاثين) و ترنو الي نهضة عمرانية و اقتصادية و زراعية.و في نفس الوقت تعاني من اتفاقات جائرة فرضت عليها سابقا.بل و لا تلتزم الأطراف الاخري بتلك الأتفاقات الجائرة فتعتدي علي نصيب الطرف الأضعف.و اذا تغاضينا عن المعضلة الأخلاقية في سرقة ما هو ليس من حقنا, فأن كل المؤشرات المنطقية تشير الي ان الوضع لن يبقي علي ما هو علية طويلا,و ان تلك الدول ستطالب ثم تحصل علي حقوقها عاجلا او اجلا و عندها لا تبدو المجاعة المائية سيناريو خيالي كما هو الوضع اليوم.
اما علي مستوي مصادر الطاقة,فأن النظام السابق اصر علي ذبح الدجاجة التي تبيض لة ذهب.فتعاقد مع اسرائيل علي ربط نفسة بأرتباطات طويلة الأجل و بيع كميات كبيرة من الغاز الطبيعي بأسعار اقل من الأسعار العالمية بلا اي سبب منطقي سوي منطق المكسب الفردي الأني بلا اي تفكيرفي تداعيات هذا علي الناس و علي النظام ذات نفسة علي المدي الطويل.
و اذا تحولنا الي مسألة لتلوث ,فلا يحتاج الكاتب الي الكثير من الجهد لأقناع القراء بالوضع المذري لمدينة مثل القاهرة تحوي ربع سكان مصر.و كم تبدو الصورة للنظار شديدة القتامة:فمن حرق قش الأرز الي مليون سيارة عتيقة الطراز تزرع شوارع العاصمة و من مئات المصانع لا تلتزم بأي قانون للحفاظ علي البيئة الي مصانع أسمنت اوروبية تفتح فروعا لها في مصر بعد أغلاقها في بلادها نتيجة لتهديدها للبيئة هناك ,و قبل ذلك و بعدة, بسبب ممارسات يومية لها علاقة بالنظافة الشخصية و نظافة الشوارع.استحقت مصر التربع في المركز السادس عالميا في قائمة الأمم المتحدة لأكثر الدول تلوثا في العالم.
اما ملف الزيادة السكانية فهو الأكثر تعقيدا.كان الأنفجار السكاني أحد المواضيع المحببة الي الرئيس المخلوع في خطبة.و لعلنا لا زلنا نذكر صرختة الشهيرة في احدي خطبة "اجيبلكم منين" . و في حقيقة الأمر,كان النظام السابق فاشلا في ادارة مواردة علي هذا الصعيد,فتخصصت حكومة الجنزوري في بناء المدن الجديدة التي لا تخلو من الخدمات و لا تربطها بجيرانها شبكات نقل,و تهاونت في تجريف الرقعة الزراعية و فشلت في اخراج السكان من ال3% من مساحة مصر التي ظللنا نعيش عليها ملايين السنين. و لذلك فأن الزيادة المطردة,و خاصة في الشرائح الأكثر فقرا و الأقل تعليما من السكان هي بمثابة تركة ثقيلة علي عاتق اي حكومة ستحاول حل المشاكل السابق ذكرها.
بعد كل ما تم حصرة سابقا,يبدو المستقبل البيئي لمصر قاتما و اننا قد تأخرنا بالفعل عشرون عاما علي الأقل و صار تجنب وقوع المشاكل مستحيلا. كل ما نقدر علية الأن هو تقليل وقع أخطاء متراكمة منذ ستين عاما يتقاسم مسئوليتها كل الأنظمة السابقة و الشعب.اما ان لم يستشعر الجميع حجم المشكلة فأن البديل سيكون سيناريوهات كابوسية من نوعية حروب المياة و المجاعات.
Tuesday, July 5, 2011
مشهد 1
لم يستطيع جل افراد الفوج السياحي الذي قضي معنا ليلة السافاري ان يدرك انة علي بعد 10 دقائق فقط من العمران,لعبة دعني انخدع-دعني اخدعك الشهيرة تمارس علي اوسع نطاق هنا ,قال لي حسن انة يتعجب كيف اننا مختلفان رغم كوننا من بلد واحد,حسن الذي يتقن الانجليزية و العربية و لهجات و لغات اخري يحب بوب مارلي و يمتلك حس فكاهي رائع و سرعة بديهة بالاضافة الي فطنتة التي امتزجت بخبرة 12 عاما من العمل بالسياحة مما يجعلة قادرا علي معرفة نوع الزبون بعد خمس دقائق.عادة لا يرفض علي الطلبات التي يطلبها زبائنة مادامت لا تخل بالشرف حسب فهمة,ربما لسنا مختلفين كما تبدو الامور علي السطح؟
Monday, July 4, 2011
اري بعين الخيال
اليوم ,و بعد ستة أشهر من نجاح الثورة تبدو الامور رمادية,لازلنا بلا خطة زمنية واضحة توضح خطوات و ميعاد انتقال السلطة,ما زال اغلب افراد الشرطة غائبين عن الشارع او حاضرين رمزيا ,مازالت حالات تعذيب واعتداء بدني لمواطنين في اقسام الشرطة تسجل اسبوعيا , مازالت قوات الامن المركزي تستخدم القوة المفرطة و تقتل المتظاهرين,ما زال افساد المالي و الأداري مستشريا في كل قطاعات الدولة,مازال الكثير من قتلة الشهداء طليقا و يذهب الي عملةكل صباح .الجديد في الامر,ان من كانوا يقولون سلفا ان التحرير ساحة مفتوحة للجميع في حالة تخاذل السلطة اصبحوا الأن معترضين بشكل مبدأي علي اي و كل مظاهرة بغض النظر عن سببها او مكانها.
اري بعين الخيال ,لو توقفت المظاهرات لشهرين فقط في ميدان التحرير ,كوادر الحزب الوطني السابقة بوجوهم الكالحة و بذلاتهم الكحلية و ابتساماتهم الصفراء تحتل الميدان و تؤكد انها شباب الثورة الحقيقي.اراهم و قد رفعوا لافتات تطالب بأعلان الأحكام العرفية و تجريم التظاهر العلني.اري وسائل الأعلام الرسمية و المستقلة (الا القليل منها) و قد فردت مساحات واسعة لنفاق و مداهنة المجلس العسكري,اري مرشحي الرئاسة يغازلون الجيش بشكل فج و يطالبون بأضافة مواد في الدستور تضمن تدخل الجيش في الحياة السياسية,اري الأحكام العرفية تعلن و احد العسكريين يتقدم الصفوف الي مقعد الرئاسة.اري تلك الفتاة ذات الشعر المموج التي اعتدت ان اراها تقود التظاهرات التي تندد بمحاكمة المدنيين امام القضاء العسكري و هي في الأصفاد بتهمة تكدير الامن العام.اري العديد من الأصدقاء الناشطين يتلقون اتصالات هاتفية من جهاز الامن الوطني لتخويفهم.اري الجموع تهاجم اي محاولة لنقد ما يحدث.اري شبكات الفساد تعيد تجديد شبابها و تعين سلالة جديدة من الحكام للأرتقاء الي سدة الحكم.اري كابوسا هتلريا مفزعا في الأفاق.
لا يشغل بالي ان جائت الانتخابات قبل الدستور او العكس و لا اريد مجلسا رئاسيا الأن.كل ما اريدة هو ان يحتشد الناس في ميدان التحرير اسبوعيا بأعداد كبيرة تحت شعارات بسيطة تجمع اكبر ممكن.كما لا تهمني ان تؤدي تلك التظاهرات الي قرارات.كل ما يهمني ان يبقي الضغط الشعبي قويا علي رئوس شبكة الفساد حتي لا يربحوا مساحة اخري ,و ان نضمن جميعا انتقالا سلميا مدنيا للسلطة يسمح بتفكيك شبكة الفساد و تحقق العدل علي المدي المتوسط.
Monday, May 23, 2011
لماذا سأعود للتظاهر الجمعة 27 مايو
كتبت هذة التدوينة علي عجل للحاق بدعوة المدونين المصريين لتجاوز الخط الأحمر و تقييم المجلس العسكري.
تعلمت الا افتش في ضمائر الناس,لكن لي كل الحق في الحكم علي ما ظهر من اعمالهم .
مر اكثر من 100 يوم علي تنحي الرئيس المصري السابق,اكثر من 100 يوم حكم البلاد فيها مجلس ائتلافي من قادة الألوية و الأسلحة المختلفة في الجيش المصري اصطلح علي تسميتة بالمجلس العسكري.قابل عموم المصريين و خاصتهم المجلس بالترحاب و افتراض النوايا الحسنة.الأن و بعد انقضاء ال100 يوم اختلط علي المصريين الأبيض من الأسود و و اختلفوا في تقييمهم في اداء المجلس العسكري.
هذا الصباح بدأ مجموعة من المدونيين حملة لكسر الخطوط الحمراء و تقييم اداء المجلس خلال الفترة الماضية. و للحاق بالحملة ,استقطعت ساعة من وقت العمل الثمين و شمرت عن سواعدي,لذا وجب علي الاعتذار علي ما في التدوينة من تسرع و ركاكة و اخطاء لغوية و املائية.
الأنطباع الاول الذي اود تسجيلة هو ان المجلس العسكري ليس كيانا متجانسا كما يبدو لنا من علي مبعدة,فالتصرفات المتناقضة احيانا توحي بأن تياران اساسيان يتبادلا التحكم في مجري الأمور.و علي كل حال,حتي و نحن ملئي بالتساؤلات و الأعتراضات علي نوايا و اداء المجلس,وجب علينا الا نتجاهل الكثير من الأيجابيات التي قام بها في الشهور الماضية.
و في البدأ ,فأن لأمر الذي يزعجني اكثر من غيرة,هو اصرار المجلس علي انتهاج نفس الطريقة السلطوية الأبوية في التواصل مع الشعب,فالبيانات تصدر فقط وقتما يري المجلس انة الوقت و الظرف المناسب و ليس عندما يحتاج الشعب الي فهم ما يحدث في الكواليس.
النقطة الثانية التي تزعجني هي بطأ و بيروقراطية اداء الجيش فيما يتعلق بالافراج عن المعتقلين بالخطأ و في محاكمات رموز النظام السابق و عودة قوات الشرطة الي الشارع و احداث الفتنة الطائفية ,و هو ما يتناقض مع راديكالية و عنف و تسرع تصرفاتة عندما يتعلق الأمر بالامور التي يراها علي قمة هرم اولوياتة.
الأمر الأخطر في رأيي هو ما بدأ يحدث مؤخرا من ضغوط علي لأعلام الرسمي و الخاص بشكل لا يختلف عن فترة ولاية الرئيس مبارك و التي ادت في النهاية الي ثورة الشعب ضدة.فنجد التلفزيون الرسمي,في اكثر من مناسبة, يقطع بثة المباشر بنائا علي توجيهات عليا.و تجد الأعلام "المستقل" يروج لخرافات من نوعية الانهيار الاقتصادي و الفراغ الدستوري من اجل اسكات اي اصوات معارضة لأجرائات و القوانين و السياسيات التي يسنها المجلس.
اتفهم تماما ان صبر المجلس العسكري اخذ علي النفاذ و ان قدرتة علي تقبل النقد محدودة,و خاصة ان كل افرادة تعودوا علي السمع و الطاعة خلال سنوات خدمتهم العسكرية.لكن عليهم ان ان يستوعب الفارق بين التراتبية التي تجعل السمع و الطاعة واجبا علي العسكري تجاة رئيسة المباشر و بين توليهم المؤقت لأمور الحياة المدنية للبلاد.عليهم ان يفهموا ان أغلب المدنيين ادري بشعاب تلك الحياة منهم,و ان دورهم هو مجرد منسق و منفذ لرغبة الغالبية من المصريين.المصريين الذي ما عادوايعطون 100% من ثقتهم للمجلس .
لكل ما سبق سأتظاهر الجمعة القادمة في ميدان التحرير,من اجل اشعار المجلس اني غير راضي عن ادائة,و تذكيرة انة ليس نظاما منتخبا بشكل ديموقراطي,انما هو مجلس تسيير اعمال.من اجل ان يفهم اني انتظر العدالة الناجزة في مقاضاة الصف الاول و الثاني و التاسع من رموز النظام السابق,من اجل وقف محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية ,من اجل ان يتوقف عن جرنا الي ترهات دستورية و قانونية مصطنعة مثل معركة التعديلات الدستورية ,.و من اجل ان يضغط علي الشرطة المتقاعسة عن اداء عملها و من اجل ان يتوقف عن غسل ادمغة المصريين بضغوطة علي الاعلام و توريج اكاذيب من نوعية الانهيار الأقتصادي.
Tuesday, April 19, 2011
عن الأمل في دولة مدنية(وطن جديد شجاع)
علي مقهي بحي الظاهر,جلست اشرح لصديقي القاهري القح سليل الطبقة الوسطي التوازنات العائلية و العرقية التي تحكم الأنتخابات البرلمانية في اجزاء من الحضر المصري و تسيطر علي المشهد في دلتاة و جنوبة.احبطت حساباتي المتشائمة صديقي الذي كان متحمسا في بداية مقابلاتنا و بدأ في فهم اصراري علي القتال من اجل تطبيق القائمة النسبية في الدورة برلمانية القادمة علي الأقل. كان تفائلي,رغم تلك الحسابات السودوية لغزا غير مببرا في نظرة,و خاصة لما عهدة مني من تشائم و توقع السيناريوهات الأسو في كل ما يتعلق بالمستقبل.
جرنا النقاش الي طرح السؤال الأشهر الذي طالما اعيي خبراء علوم الأجتماع و الأقتصاد و السياسة "لماذا لا يثور المصريين؟". و لعل تجاهل البنية المجتمعية كان سببا رئيسيا في ابقاء السؤال عصيا علي الأجابة طوال كل تلك السنين .فخلال الأربع مائة سنة الأخيرة تبلور مصطلح ال"دولة المدنية" في اماكن مختلفة من العالم,لكن محليا لم تجر مياة كثيرة تحت الجسور.بالتأكيد طرأ الكثير من التغير علي ملبس ومأكل و نمط المعاملات التجارية.فأستبدلت الخيول بالسيارات ,و حلت الأزياء الغربية محل القفاطين,و ملأت اجهزة الهاتف الخلوي واجهات الدكاكين بدلا من القرب و الطرابيش و اطمأن المصريين الي ايداع اموالهم في البنوك, لكن أحتفظ االقطاع الأكبر منهم بأغلب القناعات و الافكار و العصبيات القبلية و التراتبية التي أنتجها أسلافة,يستوي في ذلك الأمي و الجامعي,الأزهري و خريج المدارس الفرنسية.
كان نظام مبارك,حتي مقارنة بمن قبلة من عسكر, الحجر الأكبر في وجة كل محاولة لتغيير تلك البنية.فقد كان مدركا ان تنامي الوعي عند ابناء المجتمع يشكل الخطر الأكبر علي بقائة,لذا لم يقم ابدا بأي جهد حقيقي في تطوير او حتي المحافظة علي المستوي المتدني لمؤسساتة التعليمية التي انتجت عبر السنين الملايين من الجامعيين غير المؤهلين لا تقنيا ولا ثقافيا و علي المحافظة علي كل من شبكة المصالح المعقدة و الهيكل التراتبي العائلي او الديني الذي يقصي الأغلبية خارج طاولة مفاوضات يتحدث فيها فرد او اقلية بأسمهم.و لذا فأن سقوطة الغير متوقع,افسح مساحة للحلم بدوران عجل التاريخ في مصر علي النحو التي جرت فية في مناطق اخري من العالم.
علي المدي القصير,تبدو الصراعات الديموقراطية و الحقوقية الأحق بالحصول علي الأولوية,لكن حتي لو احرز المناضلين كل النجاح المأمول, سيظل التغير الحقيقي و المستدام مرهونا بعملية تفتيت البنية القبلية للمجتمع. و بالنظر الي لأوضاع الأجتماعية المقعدة في مصر,فان عملية تحول بذلك القدر من الجذرية قد ستستغرق اجيالا. و اذا وضعنا الأمور في سياقها التاريخي فسيتبين لنا ان ثورة الخامس و العشرين من يناير يمكن ان تعد الخطوة الثالثة في عملية التحول نحو الدولة المدنية,تلك العملية التي ساهمت فيها الأنظمة حينا و حركتها عجلة التاريخ او القصور الذاتي احيانا .
كان من المنطقي ان تستغرق الخطوة الاولي المساحة الأكبر من الوقت,بدئا من أرسال محمد علي البعثات الي اوروبا مرورا بمشاريع الخديوي أسماعيل الحالمة و حتي أنشاء جامعة فؤاد الأول.بينما دشن النظام الناصري,بقصد او بدون,المرحلة الثانية بأتاحة الفرصة لدخول الجيل الأول من كثير من ابناء الطبقة الوسطي الدنيا و الدنيا الحضرية و الريفية الي الجامعة خلال عقدي الخمسينات و الستينات. وقع الكثير من ابناء هذا الجيل في اشكالية,فجاة وجدوا انفسهم حاملين لمجموعة من القيم و التقاليد تختلف كثيرا عن تلك الخاصة بأبائهم,و نمي لدي الكثير منهم شعور بالأزدواجية بين حياتهم ال"مدنية" مع اقرانهم و بين المنظومة التراتبية التي تحكم بيوت عائلاتهم.عندما اتي الدور عليهم لتولي القيادة,قام غلبهم,بلا وعي منهم, بتكوين خلطة ما بين ما قرأوة و مارسوة في شبابهم و بين السلطوية التي لم يعرف التابعين غيرها.لكن الجيل الثاني من الجامعيين,و خاصة من ابناء المدن جاء منبتا عن ذلك السلسال,رافضا لطريقة العيش تلك بما فيها من قيود.
في العشرين عاما الأخيرة,حرص أغلب كبارات العائلات الكبيرة,و الذين لم يحصل جلهم علي علي قسط وافر من التعليم, علي حصول اولادهم علي شهادات عليا,حتي لو كانت غير ذات قيمة علمية,كنوع من انواع الوجاهة الأجتماعية ,في قاعات المحاضرات و كافيتيريات المعاهد و الجامعات(و بالذات الخاصة, منها)خالط هؤلاء الشباب اقرانهم من سكان الأحياء الغنية من الجيل الثاني و الثالت من الجامعيين. و كما حدث من قبل,وقع الكثير في فخ الحيرة بين نسقيين قيميين متضاديين.و حينما تأتي اللحظة و يصبح فيها هؤلا الشباب قادة لمجتمعاتهم و عائلاتهم,سيخلقوا بدورهم طريقتهم الخاصة في تصريف الأمور,التي ستكون في كل حال اخف ضررا من طريقة ابائهم الذين لم يألفوا سوي اطاعة الكبير و تفضيل المصلحة العائلية علي المصلحة العامة.اما الأحفاد, فسيكونون في الأغلب,اكثر مدنية كغيرهم من ابناء الجيل الثاني من المتعلمين.
ربما اتفقنا ان اتساع رقعة المتعلمين كان امرا واقع الحدوث اجلا,لكن المكسب الحقيقي للثورةهو تعلم ابناء بعض الطوائف و التيارات الدينية فضيلة التمرد علي اختيارات قياداهم السياسة و الروحية,و هو ما جعل تلك القيادات بلا خيارات سوي تجاهل حدث الثورة او القبول بالأمر الواقع و محاولة الأيحاء بان النزول للشارع جاء بنائا علي قرارات اتخذوها بأنسفهم.و بنجاح الثورة في اسقاط رأس النظام,تبدو فرص حدوث أحتجاجات اكثر حدة داخل او علي تلك القيادات السلطوية امرا قابلا للحدوث في غضون سنوات.أحتجاجات ,ان لم تغير تلك المؤسسات جذريا,فأنها علي الأقل ستجعلها مجبرة علي اخذ منحي اصلاحي يسمح لها بالاندماج بشكل أوسع داخل بوتقة المجتمع. هاتا الخطوات ستتما المرحلة الثالثة و ربما تكون تتمة تحول مصر لدولة مدنية.و و ربما كان مؤتمر شباب بالأخوان الذي أقيم بعيدا و رغما عن مكتب الأرشاد ثم تأسيس نجيب ساوريس لحزب ليبرالي يعدا تدشينا لتلك المرحلة.
اعلم جيدا ان مصر لن تتحول لدولة مدنية بالمعني الحقيقي للكلمة بين يوم و ليلة.و اننا سنعد من المحظوظين لو شاهدنا هذا اليوم بأعيننا في شيخوختنا البعيدة. لكن يبقي الأمل في ان يأتي يوم يقف فية ابنائنا سواسية امام القانون. يوم يفهم فية المصريين ,بغض النظر عن ديانتهم و عرقهم و خلفيتهم التعليمية ان مصلتحهم الكبري تكمن في تقبل اختلافهم و في ان يكون ولائهم الأول للوطن,تلك للمساحة المشتركة من لأرض التي يتشاركون فيها.
اعرف ان الأسوأ لم يأتي بعد,لكن الأفضل ايضا سيأتي,فقط اتمني ان يتأخر قليلا ليجيء في النهاية. كلما ضاقت بي السبل أتذكر كل تلك العقول الشابة النجيبة التي صرت اصادفها يوميا....و اتفائل.