نشر هذ المقال بموقع قل.
عندما اجتاح الحلفاء روما في ربيع عام
1945.استطاع أخيرا رئيس اتحاد الكرة الايطالي اخراج علبة الأحذية القديمة من تحت
سريره هناك أخفي الرجل تمثال "جول ريمية"الذهبي ,الجائزة التي
يحتفظ بها لمدة 4 سنوات بطل كأس العالم خوفا من تداعيات الحرب علي بلده التي كانت
بطلة نسختها الأخيرة(1938) قبل الحرب العالمية الثانية التي منعت أحداثها
إقامة أي بطولة خلال عقد الأربعينيات. و لأن القارة العجوز كانت حطاما ,لم
يعترض الاتحاد الدولي علي العرض البرازيلي باستضافة البطولة.و بما أننا علي بعد
ساعات من عودتها إلى أرض الكرة المقدسة.نستعرض هنا كيف كانت خريطت العالم السياسية
و الكروية تبدو في المرة السابقة التي نظمت فيها البرازيل كأس العالم.
بجانب استبعاد الفيفا لدول المحور ( اليابان
وألمانيا) مع استثناء إيطاليا كبطلة للعالم.كان العالم كله
خارجا من حرب
أنهكت موارده الاقتصادية لذا كانت ظاهرة البطولة هي الغيابات و
الانسحابات ,سواء في مرحلة التصفيات أوبعد التأهل.الأسباب تباينت إلي حد العبثية.
الهند كانت صاحبة السبب الأكثر طرافة.فبعد أن تأهلت اوتوماتيكيا من قارة أسيا
انسحبت لرفض الفيفا السماح للاعبيها باللعب حافيي الأقدام!بجانب ذلك رفضت الكثير
من الدول ,و منها مصر,المشاركة لبعد المسافة و ارتفاع تكاليف السفر.كمارفض الاتحاد
السوفيتي و أغلب الدولة الواقعة خلف الستار الحديدي المشاركة لأسباب سياسية.أبرزها
بالطبع كان المجر و تشيكوسلوفيكيا اللذان تأهلا للمبارتين النهائيتين
للبطولاتين السابقتين(1934 و 1938).
تأهل إلي البطولة 16 فريقا تقلصوا إلي 15 بعدما
انسحبت تركيا قبل أسابيع من القرعة و رفض فرنسا و البرتغال أن تحلا محلها . الحدث
الأبرز كان موافقة دولة بريطانيا العظمي علي "التنازل" و الاشتراك للمرة
الأولي في بطولة عالمية.حتي ذلك اليوم,كانت انجلترا,اسكتلندا,أيرلندا وويلز ترفض
الاشتراك في بطولات كرة القدم الدولية لأن العالم ليس مؤهلا بعد لمنافستهم
.علي سبيل التكريم,قرر الفيفا تخصيص مقعدين منفصلين لأبناء شبة الجزيرة
بعيدا عن التصفيات الأوروبية.في هذا الوقت كانت تجري بطولة سنوية تسمي:"بطولة
الأمم البريطانية" و التي أسفرت عن تأهل انجلترا و أسكتلندا التي
انسحبت لاحقا!
انتظر الإنجليزالمنتشون بانتصارهم في
الحرب العالمية عودة فريقهم بالبطولة بعد نزهة أمازونية.لم لا و أرضهم
هي مهد الكرة؟.بعد انتصار أول علي شيلي.نقلت برقيات التلغراف الخبر الذي ظنته لندن
خطأ مطبعي.انهزم منتخب الثلاثة أسود أمام مجموعة من الهواة الأمريكيين بهدف سجله
مدرس ثانوي من أصول ايرلندية بكرة مررها سباك إيطالي من الجيل الثاني من
المهاجرين! لاحقا تلقت الأمة الصدمة بالهزيمة الثانية أمام أسبانيا و التي تعني
خروج الفريق من الدور الأول و تأهل الدولة الأيبيرية وحدها إلي المرحلة
الثانية.
المجموعة الأولى كانت تضم علي رأسها البلد
المضيف.و الذي كان حتي هذة النقطة دولة متوسطة المستوي كرويا فازت بلقبها القاري
الأول(كوبا أمريكا) قبل كأس العالم بعام واحد.تأهلت البرازيل بفارق نقطة واحدة عن
يوغوسلافيا بينما ودعتا المكسيك و سويسرا البطولة من الدور الأول.
المجموعة الثالثة ضمت إيطاليا بطل العالم في
النسخة الثانية و الثالثة و التي خسرت 8 من أبرز لاعبيها قبل
البطولة في حادثة تحطم طائرة فريق تورينو و السويد التي تأهلت بعد فوزها علي
الأزوري
بثلاثة أهداف مقابل هدفين بينما قبعت الباراجواي ,و كالعادة,في مؤخرة
المجموعة
المجموعة الرابعة كانت كوميدية للغاية لأنها لم
تضم سوي فريقين و لم تقام بها سوي مباراة واحدة انتهت بفوز الأوروجواي,بطل النسخة
الأولي عام 1930 علي بوليفيا بثمانية أهداف للا شيء!
بحلول التاسع من يوليو بدأ الدور النهائي الذي
أقيم بنظام المجموعة بين رؤوس المجموعات ال4.اكتسحت البرازيل السويد و
أسبانيا بنتائج قياسية(7-1 و 6-1) بينما تعثرت الأوروجواي و تعادلت مع
أسبانيا.في السادس عشر من يوليو احتشد عدد غير معلوم تؤكد كل التقارير أنه
تخطي ال200 الف متفرج في أستاد الماراكانا مسجلين رقما قياسيا للحضور في مباراة
واحدة في تاريخ البطولة لمشاهدة فريقهم الذي يكفيه التعادل للحصول علي كأس
العالم الأولي في تاريخه.
لعب الفريق المضيف بحماس بالغ وسط تشجيع جنوني و
اقترب كثيرا من اللقب بهدف في بداية الشوط الثاني ل"فرياتشا".علي غير
المتوقع لملم الضيوف صفوفهم سريعا و عادلوا النتيجة ل"شيافينو" ثم صدم
"جيجيا" الجميع بهدف ثاني قبل نهاية المباراة ب10 دقائق.بعد ذلك تحول
الملعب إلي ساحة للركل و استطاع الأوروجواييون المحافظة علي نظافة شباكهم في الوقت
المتبقي لتنتهي المباراة بحصولهم علي اللقب الثاني و تسجيل لحظة مفصلية في تاريخ
الكرة.لحظة قال عنها صانعها بعد 60 عاما:"3 فقط استطاعوا اسكات 200 ألف
برازيلي بحركة واحدة انا و البابا و فرانك سيناترا"!
في كل المدن البرازيلية عاد الجميع,كبارا و
صغارا إلي بيوتهم باكين.في اأحد الفافيلات الفقيرة ربت طفل أفريقي صغير علي كتف
أبوه ووعده أن يحضر له كأس جول ريميه إلي البيت.تعامل الأب مع الأمر بالكثير من
الخفة,لكن بعد 8 سنوات كان "بيليه" قد وفي بوعده ,بل و استطاع الحصول
للبرازيل علي بطولتين أخرتين أسستا لأسطورة "أرض كرة القدم
المقدسة" التي يعود اليها المونديال أخيرا.
No comments:
Post a Comment